تحديث الإدارة العمومية وتطويرها

 ذة.سعادو بوشعاب
طالبة باحتة بسلك الدكتوراه 


مقدمة:

يعد تحديث الإدارة العمومية احدى مؤشرات التنمية العامة داخل المجتمع حتى تستجيب لمتطلبات التنمية الإدارية ،ولقد اثبت التجارب واجمعت الدراسات الإدارية على أن الإدارة محرك اساسي لكل تنمية منشودة لكن هذا الامر رهين بمدى نجاعة الإطار المؤسساتي والقانوني والإجراءات الإدارية والمسطرية في تفعيل برامج التحديث.

وعلى غرار دول باقي العالم عمل المغرب جاهدا على تطوير الإدارة العمومية عبر مجموعة من الاوراش الاصلاحية من قبيل تبسيط المساطر الإدارية –تخليق الحياة العامة- تطوير وتأهيل الموارد البشرية – اعتماد الإدارة الالكترونية.

فاذا كانت الإدارة المغربية ساهمت في شكل فعال في بناء هياكل إدارة الدولة واستثمار الراسمال البشري من خلال اعداد النظام الاساسي للوظيفة العمومية ،فإن واقع الممارسة الإدارية ابان عن عدة اختلالات هيكلية تعاني منها الإدارة كتضخم الهياكل الإدارية وتعقد المساطر وضعف التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية فضلا عن استفحال طاهرة الرشوة وضعف الاخلاقيات المهنية.

وللإنصاف فالإدارة لم تكن حصيلة عملها قاتمة وسلبية بل ساهمت في تطوير الخدمات الإدارية للمواطن والمستثمر ،لكن في الوقت نفسه لازالت تعاني من عدة اكراهات وتحديات ناجمة عن ظهور اولويات جديدة للإدارة الدولة واكراهات العولمة وتحسين جودة الاستثمار.

وفي هذا السياق العام يمكن مقاربة اشكالية تحديث الإدارة من عدة زوايا مقاربة قانونية – مقاربة بشرية - مقاربة سياسية- لكن مختلف هذه المقاربات تروم لتشخيص الواقع الإداري ورصد الإمكانيات والبرامج الممكن اعتمادها لتطوير الإدارة وتحديثها ،وفي هذا السياق يمكن مقاربة الاشكالية المركزية على نحو التالي:

ماهي الاختلالات التي يتسم بها المجال الإداري في مجال الموارد البشرية ؟
لمقاربة الموضوع سوف نعتمد على محورين:
المحور الأول: تشخيص واقع الإدارة المغربية
المحور الثاني: المقومات الاصلاحية لمنظومة الموارد البشرية اكراهاتها وافاقها

المحور الأول: تشخيص واقع الإدارة المغربية

عرفت الإدارة المغربية كباقي الإدارات ازمة هيكلية في ادائها ناجمة عن الاختلالات الوظيفية لأجهزتها وأول هذه الاختلالات تتمثل في تقادم النظام الأساسي للوظيفة العمومية مما زاد في تأزم ضعف منظومة الارشاد والاستقبال الى جانب غياب رؤية مشتركة لتحديث الإدارة حيت أدت هذه الازمة الى تعقد المساطر الإدارية وضعف الاخلاقيات المهنية فضلا عن سوء توزيع الموارد البشرية.

وفي هذا السياق العام يمكن تحديد بعض الخصوصيات للاختلالات الوظيفية داخل الإدارة في مجال الموارد البشرية ، حيث ادى منطق التوظيف من اجل التوظيف الى تضخم بنية الموارد البشرية وهيمنة الطابع الروتيني وغياب المشاركة وضعف الشفافية في اتخاذ القرار ، وقد اثر دلك سلب على معنويات الموظفين حيث سادت الرتابة والروتين الإداريين.

والى جانب هذه العوامل ترتب عن ضعف تخطيط الموارد البشرية ضعف توزيع الموارد البشرية على الجهاز الإداري نظرا لغياب نظام تصنيف وتوصيف الوظائف .

وللحد من هذه الوضعية عمل المشرع على اعداد برنامج وطني لتحديث الموارد البشرية على اساس معايير الشفافية والمصداقية لجعل الرأسمال البشري رافعة اساسية لتطوير الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار وعلى هذا الاساس يمكن التساؤل حول موقع تأهيل الموارد البشرية في استراتيجية تحديث الإدارة وذلك ما سوف نقاربه في المحور الثاني.

المحور الثاني: المقومات الاصلاحية لمنظومة الموارد البشرية واكراهاتها وافاقها:

عمد المشرع المغربي على مراجعة النظام الاساسي للوظيفة العمومية باعتبارها أطار مرجعي لتدبير المسار المهني للموظف وتتجلى أهم الاصلاحات المؤسساتية في تحديث منظومة التعين في المناصب العليا حيث تم استصدار قانون تنظيمي يتعلق بالتعيين في المناصب العليا ومرسوم يحدد مسطرة التعيين الى جانب ذلك تم ماسسة الحوار الاجتماعي من خلال عدة لجان وطنية فضلا عن توحيد ولوج الوظيفة العمومية من خلال نطام المباراة، كما تم استصدار مرسوم رئيس الحكومة في شأن التغيب الغير مشروع وتبسيط مسطرة المعادلة الشهادات المطلوبة لولوج مختلف الوظائف العمومية ، وبموازاة مع ذلك تم الشروع في رصد الخطوات الأولية لتخطيط الاستراتيجي للموارد من خلال انجاز الدليل المرجعي الشامل للإدارات العمومية وذلك لتحقيق التطابق بين المؤهلات البشرية والحاجيات الحقيقية للإدارة ،وفي سياق التدبير الحديث للرأسمال البشري تم اعتماد مقاربة النوع اي المساواة بين الرجل والمرآة في الولوج الى المناصب المسؤولة.

كما تم برمجة التكوين بمختلف الوزارات في مجال مقاربة النوع وتوسيع شبكة التشاور والحوار والتنسيق بين مختلف الوزارات.
كم تم مراجعة الاطار القانوني والتنظيمي لتكوين المستمر وذلك بربطه بالمسار المهني للموظف وتحفيزه عبر الية الترقية ،كما تم اعتماد التكوين عن بعد.

لكن رغم هذه المجهودات مازالت منظومة الموارد البشرية تعاني من عدة اكراهات ناجمة بالأساس عن سوء توزيع الموارد البشرية بمختلف الإدارات فضل عن غياب التصنيف الدقيق لمؤهلات والكفاءات.منما زاد الامر تعقيدا هيمنة تعدد المتدخلين في الموارد البشرية وضعف التنسيق وبطء اتخاد القرارات وتعقد منظومة الموارد البشرية.

ويبقى التساؤل المطروح حول سبل تطوير اداء الإدارة من خلال المقاربة التشاركية لمجالات الاصلاح؟
يمكن رصد مضامين هذا الطرح التشاركي في العناصر التالية:
-اي سياسة رشيدة لصلاح الموارد البشرية رهينة بوجد رؤية استراتيجية.
-لا يمكن الفصل بين اصلاحات الموارد البشرية ورهانات التنمية المستدامة.
-نجاح تحديث الموارد رهين باستثمار الفعال للمؤهلات والتوظيف الجيد للطاقات.
-اصلاح الموارد البشرية يتطلب ربطه بالسياق العام لإصلاح الإدارة سواء في مجال تبسيط المساطر او تخليق الحياة العامة أو تحسين الإدارة مع المرتفق وعليه فان تحديث الموارد البشرية رهين بمدى الوعي السياسي للفاعلين في الاصلاح، ومدى وجود خطة استراتيجية للإصلاح.







التالي
هذا احدت موضوع.
رسالة أقدم
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي